“أحزمة الموت”.. شهادات ووثائق لتجنيد الإمارات القاعدة ومرتزقة محليين وأجانب لمهام الاغتيالات والتعذيب
الأول برس:
للإمارات علاقة سرية بالتنظيمات والجماعات الإرهابية، مغايرة للطريقة التي تقدم بها حكومة أبوظبي نفسها كرأس حربة ضد الجماعات الإرهابية في اليمن.
الأحداث الأخيرة، وما آلت إليه الأوضاع في المناطق الجنوبية منذ تحريرها، كشفت بعض ملامح تلك العلاقة، قبل أن تؤكدها تحقيقات صحفية، وتثبتها التقارير الأممية والدولية.
الاغتيالات السياسية في عدن
مدينة عدن إحدى أعرق المُدن اليمنية التي عرفت كمدينة للسلام والتعايش، وبعد إنها سيطرة المتمردين الحوثيين عليها في النصف الثاني من عام 2015 عول عليها اليمنيون أن تكون منطلقاً لاستعادة الدولة وبادر كثيرون بالعودة إلي العاصمة المؤقتة، لكنها كانت أمام محطة جديدة إذ أراد لها آخرون أن تكون ساحة للتصفيات وأضحت مقترنة بالإغتيالات والتعذيب، وحضرت في التقارير الدولية كأكبر تجمع للسجون السرية ومسلخ للتعذيب. إذ أنشأت الإمارات تشكيلات عسكرية موالية لها وأسندت لها المهام القذرة.
كانت المدينة الجنوبية، خلال الأعوام القليلة الماضية، مسرحاً لـ”الاغتيالات السياسية” بما يزيد عن مائة عملية اغتيال، راح ضحيتها – في الغالب – شخصيات مناوئة لهيمنة الإمارات والتشكيلات المسلحة المحلية التابعة لها.
مؤخراً نشرت الجزيرة فيلماً وثائقياً عن “أحزمة الموت” والذي استند على “محاضر تحقيق مسربة (عدد 87 صفحة) شملت إفادات لأربعة متهمين بتنفيذ عمليات الاغتيالات، أدلوا بها للبحث الجنائي في عدن” وقال معدو التحقيق إنها محاضر حصرية تنشر لأول مرة.
أعترف أحد المتهمين في خلية الاغتيالات وفق المحاضر بتنفيذهم “عملية اغتيال فهد اليونسي في منطقة المنصورة، وتنفيذ عملية اغتيال عبر عبوة ناسفة بسيارة عادل الجعدي وايضاً نفذوا عملية اغتيال إمام مسجد في المعلا بواسطة دراجة نارية”.
والشيخ اليونسي إمام وخطيب مسجد الصحابة في المنصورة، وكان يعمل مديراً لمدرسة البنيان، حتى اغتيل يوم 18 أكتوبر 2017، في تمام الساعة 4.45دقيقة، بإطلاق النار على رأسه مرة واحدة، في منطقة بلوك 23 بالمنصورة على بعد 100 متر من نقطة تابعة للحزام الأمني.
وكان اليونسي جزءً من جمعية الحكمة السلفية، لكن كان ينظر إليه على أنه قريب من حزب الإصلاح، ولم يكن عضواً فيه عند اغتياله، وكان على وشك أن يتم تعيينه مسؤولاً في وزارة الأوقاف بالحكومة اليمنية، وبعد شهر تم استبدال اليونسي بشخص ينتمي للمجلس الانتقالي الجنوبي، عين بدلاً عنه في وزارة الاوقاف اليمنية، إضافة إلى استبدال صديقة في جامع الصحاب واغتيال نائبه وقيادات أخرى في جمعية الحكمة، وفق تقرير فريق الخبراء البارزين.
تضمنت إفادة المسؤول المالي في الشبكة، اسم مدير عصابات الاغتيالات في عدن والمحافظات الجنوبية، والمرتبط بشكل مباشر بـ”الإمارات وتحديداً مع ابو خليفة”، كما كشفت إفادات المتهمين الآخرين انتماءاتهم للقاعدة، وتنفيذهم عمليات اغتيال واستهداف لجنود الجيش والأمن قبل الحرب، وقيام الإمارات بتجنيدهم في خلايا الاغتيالات التابعة لها.
أحد المتهمين كان مطلوباً أمنياً للتحالف لكن المسؤول بالعصابة “تواصل يوم الخميس مع يُسران المقطري (قائد قوات مكافحة الإرهاب) وشلال مدير الأمن، بشأني لأني كنت مطلوباً للتحالف وأخبرهم اني ضمن الفريق”.
قال أحدهم في المحضر “انا كنت عنصر مع تنظيم القاعدة “و ب د” كان معنا بنفس التنظيم وهو كان مبايع للتنظيم حيث بايع الأمير وائل سيف المكنى بـ ابو سالم”.
وتحدث متهم آخر، عن تعرضه للتهديد من قبل عنصر ما زال مرتبطاً بتنظيم القاعدة وفي نفس الوقت على تواصل مع مسؤول إماراتي مضيفاً “قال إنه لازال مرتبطاً بالقاعدة ويتواصل معهم وأخذ تلفونه وفتح الوتس وروانا الصور والمحادثة الذي بينه وبين التحالف وروانا كلام حق ابو صقر الإماراتي وقال لي شوف الجماعة ويقصد التحالف يشتوك وكأنه يهددنا اما ارضى (أوافق) بالعمل معه واذا انا ارفض يودينا للتحالف بعدها انا قلت له انا موافق للعمل مع التحالف”.
وقال الباحث المختص في النزاعات “أندري كربوني” إن “العلاقة بين الإمارات والقاعدة تعتبر علاقة مثيرة للجدل وهناك أسباب عديدة لذلك أولاً هناك تقارير تحدثت عن بيع أسلحة وبدرجة خاصة بيع الإمارات المركبات لميليشيات تصنفها الولايات المتحدة نفسها بميليشيات إرهابية مقربة من القاعدة”.
وأكدت الصحفية “أيونا كريج” عدم تفاجؤها “عند سماع نبأ وقوف الإمارات وراء العديد من عمليات الاغتيالات في الجنوب وفي مدينة عدن على وجه الخصوص”.
وقالت كريج، وهي بريطانية حاصلة على جائزة “ما رثا جيل هورن” للصحافة، وسبق أن تحدثت مع بعض الأئمة في عدن عن ما تعرضوا له من تهديدات، واغتيل أحدهم بعد بضعة أيام، إن “ما كان مفاجئاً حقاً هو اشتراك المرتزقة الذين تم استئجارهم خصيصاً بعملية الاغتيالات” وفق التحقيق المصور.
المرتزقة الأجانب
لم يتوقف الأمر عند تجنيد الإمارات لعملاء محليين، فقبل أن يمضي عشرون يوماً على تحرير عدن من الحوثيين، بدأ الحديث عن مرتزقة أجانب. فبحسب تحقيق استقصائي نشره موقع “بازفيد نيوز” في السادس من أكتوبر 2018 استأجرت الإمارات جنوداً سابقين في الجيش الأمريكي ويعملون حالياً في شركة أمنية خاصة تُدعى مجموعة “سبير أوبريشين” وقد اعترف مؤسسها “ابرهام غولان” بتنفيذ عمليات اغتيال لصالح الإمارات في اليمن.
وفق معدي التحقيق، فقد حصلوا خلال البحث على “عقد اتفاق بين مجموعة سبير أوبريشين ممثلة ب “ابرهام غولان” و”فادي سلامين” وبحسب ديباجة العقد فإن الأخير يتمتع بعلاقات دولية واسعة خاصة مع دولة الإمارات حيثُ سيقوم بخلق فرص عمل لمجموعة “سبير أوبريشين” مع دولة الإمارات. مقابل أجر شهري قدره “20 الف دولار” بالإضافة إلى 50 ألف دولار مكافأة عند التوقيع على الاتفاق والحصول على 20٪ من كل الدخل” .
وصل العقد الخاص باستئجار الإمارات مرتزقة من مجموعة “سبير أوبريشين”، إلى القضاء الأمريكي، يقول التحقيق المصور “بعد إخلال الشركة ببنود العقد قدم محامي “فادي سلامين” هذا الإخطار الرسمي لمجموعة “سبير أوبريشين” يطلب منها معالجة الإخلال بالعقد (نسبة 20 بالمائة المتفق عليها له) . وحينما لم تستجب المجموعة رفع محامي سلامي دعوى قضائية أمام محكمة في كولومبيا، للمطالبة بدفع ما يقارب مليون دولار من عمولة لتلك الوساطة (20%)”.
وكشف صحفي أمريكي يدعى “جوزيف تريفيثيك” عن اجتماع “جرى في الإمارات شمل كلاً من ابراهام غولان وعضو آخر من مجموعة سبير أوبريشين يدعى إسحاق بليمر بالإضافة الى مستشار ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد ويُدعى محمد دحلان وهو بالأساس فلسطيني يعيش في الإمارات العربية المتحدة”.
وفق شهادة “تريفيثيك” فإن إبراهام غولان “اسرائيلي من أصل مجري ويعيش الآن في ولاية بنسلفانيا ويدير شركة سبير أوبريشين جروب (الشركة الأمنية التي استأجرت الإمارات عبرها مرتزقة) وهي شركة مسجلة بصورة رسمية في ولاية دلاوير”.
أكد الصحفي الأمريكي المختص في قضايا الدفاع والأمن، لقناة الجزيرة، أن الشركة الأمريكية حصلت “على عقد بقيمة مليون وخمسمائة ألف دولار شهرياً لفترة من الزمن إلى جانب التأكيد على دفع علاوات إضافية عند إنجاز المهمة والقضاء على المستهدفين بصورة ناجحة”.
وقال “جوزيف تريفيثيك” إن “المهمة الأولى التي تولتها مجموعة “سبير أوبريشين جروب” في اليمن استهدفت عضواً بارزاً في حزب الإصلاح السياسي بمدينة عدن يُدعى “إنصاف علي مايو” العملية الأولى كانت فاشلة وهناك لقطات فيديو تظهر هذا الأمر الذي حصل عليه موقع بزفيد نيوز من تصوير بطائرة الدرون الإماراتية كانت فيما يبدو تقوم بتغطية هذه العملية”.
كانت محاولة اغتيال رئيس اصلاح عدن وعضو البرلمان العربي ومجلس النواب اليمني “أنصاف مايو” في الساعة العاشرة مساء يوم 29 أكتوبر 2015م، (أي بعد أسابيع من تحرير عدن) حيث “حاولت قوات الإمارات العربية المتحدة، بما في ذلك مرتزقة أجانب قتله، وذلك من خلال تفجير الجزء الأمامي من المبنى الذي كان مقراً للدائرة الإعلامية للإصلاح سابقا، وأصبح مقراً للحزب في عدن”.
ويقول تقرير فريق الخبراء المقدم لمجلس حقوق الإنسان في سبتمبر/ايلول الماضي، إن “انصاف مايو لم يكن موجوداً في المبنى في ذلك الوقت، وكان هناك خمسة وعشرون مدنيا، من بينهم 10 صحفيين يعملون في وسائل الإعلام الدولية، وموظفو حزب الإصلاح، وكان بعضهم يقيمون في ذلك المبنى”.
أكد التقرير الذي اطلع “الأول برس” على مضمونه، أن عدداً من المدنيين أصيبوا برصاص هؤلاء المرتزقة (الاجانب التابعين للشركات الأمنية) مشيراً إلى أن الموقع المستهدفة “مجرد مكتب مدني، كان ملاذاً أمناً للصحفيين المستقلين، بمن فيهم الفارين من الحوثيين، وعُرف باسمه على هذا النحو، وكان حارس الأمن المدني الوحيد معروفاً وغير مسلح”.
وفق فريق الخبراء البارزين “كان أنصاف مايو الشخصية السياسية الأكثر نفوذاً، بعد اغتيال محافظ عدن جعفر سعد”، وكان التقرير الأممي أشار إلى تورط الإمارات وقيادة المجلس الانتقالي الجنوبي في اغتيال جعفر سعد، وسبق أن نشر ” الأول برس ” تقريراً عنه بعنوان “ما علاقة الإمارات وقادة الانتقالي” باغتيال محافظ عدن الأسبق و90 شخصية في عدن؟”.
لم تكن عمليات الاغتيال مجرد حوادث عرضية، يقول “تشارلز غاراوي” عضو فريق الخبراء الدوليين البارزين بشأن اليمن، مشيراً إلى آلية التحقق العميق التي اتبعها الفريق بما في ذلك “سمات الضحايا أنفسهم وتصريحاتهم العامة وانتماءاتهم والسياقات التي حصلت فيها عمليات الاغتيال”.
وأضاف في شهادته ضمن فيلم “احزمة الموت” أنهم وجدوا في “بعض الحالات أن المتهمين بارتكاب الاغتيالات كانوا يرتدون زي قوات الحزام الأمني أو القوات الإماراتية، وفي حالات أخرى كثيرة لاحظنا أن هذه الاغتيالات جرت في مناطق تقع تحت سيطرة قوات الحزام الأمني وفي حالات أخرى وجدنا المتهمين بارتكاب الاغتيالات كانوا إما يأتون أو يغادرون مسرح الجريمة من خلال نقاط تفتيش تابعة للحزام الأمني”.
السجون السرية
واستعرض التحقيق المصور شبكة السجون السرية التي أنشأتها الإمارات العربية المتحدة في المناطق المحررة جنوبي اليمن، ومارست فيها انتهاكات وجرائم جسيمة ترقى إلى جرائم حرب فردية وفق تقرير الخبراء الدوليين البارزين بشأن اليمن.
واستند التحقيق على المعلومات التي أوردها تقرير الخبراء التابعين لمجلس حقوق الإنسان، وعرض شهادات لمعتقلين سابقين وجنوداً في الحزام الأمني، وعمل على الربط بين تلك الشهادات.
كان مروان لطيف، سويدي الجنسية من أصول عراقية، أحد المعتقلين من قبل جنود إماراتيين في سجن البريقة العسكري. تحدث مروان عن مشاهدته للقيادي في المقاومة الجنوبية عادل الحسني وهو يعذب بالضرب من قبل جنود إماراتيين في سجن قاعدة التحالف العسكرية، وعزز الحسني شهادته، مشيرين إلى محاولات إجبار المختطفين على الإدلاء باعترافات بالانتماء للقاعدة وما تعرض له بعض المختطفين من تعذيب جنسي ومحاولات تجنيد.
تضمنت الشهادات تأكيدات لما كشفه تقرير الخبراء الذي رفضته الحكومة والتحالف وشككوا في مضمونه، من استخدام الإمارات لتلك السجون لمعاقبة المناوئين لها ولحلفائها الانفصاليين، إضافة إلى استخدامها لتجنيد عناصر القاعدة ومعاقبة قيادات الحزام التي ترفض تنفيذ توجيهاتها بارتكاب جرائم قتل وتصفية لمواطنين جنوبيين.
اعتمدت الإمارات على استراتيجية الجمع بين المرتزقة كمجموعة “سبير أوبيريشن” وبين حلفاء على الأرض تم اختيارهم وتدريبهم بنمط يكشف عن المهمة الموكلة إليهم وهذا ما أكده تقرير لجنة الخبراء البارزين بقوله: “وصف عدد من الضحايا والشهود لفريق الخبراء سلوكاً عدوانياً منتشراً ومستمراً لقوات الحزام الأمني وأفراد من الإمارات العربية المتحدة والذي اشتمل على العنف الجنسي، وقد تمثل ذلك في اغتصاب النساء والرجال وممارسة العنف الجنسي ضد النازحين والمهجرين والمجموعات الأكثر ضعفاً”.
ونقل المعتقل السابق ياسر الحسني، في شهادته للقناة، عن أحد المعتقلين قوله: “أنا لم يؤثر فيني أي شيء من أنواع التعذيب الوحشي الا عندما وصف لي الضابط الإماراتي اللباس التي كانت ترتديه زوجتي لأنهم دخلوا الى غرفة نومي” وهذا أمر قاسي لنا كيمنيين و لن ننساه”.
وأكد “تشارلز غاراوي” عضو فريق الخبراء الدوليين البارزين بشأن اليمن، ما تحدث عنه المعتقلون في شهادتهم قائلاً “بالتأكيد كان هناك العديد من الحالات في السجون وجدنا أناساً تعرضوا للتعذيب بهدف انتزاع اعترافات منهم بالانتماء أو الاعتراف بجرائم مختلفة خاصة الاعتراف بالإرهاب. كانت هذه بالفعل من الممارسات الشائعة”.
وسبق أن نشر ” الأول برس ” سلسلة تقارير لما تضمنه تحقيق فريق الخبراء التابع لمجلس حقوق الإنسان، من انتهاكات متنوعة وجرائم جسيمة تتهم قيادات في الانتقالي الجنوبي وضباط إماراتيين وقيادات حوثية بارتكابها، وتم تضمين أسماء مرتكبيها في قائمة سوداء سرية رفعها فريق الخبراء للمفوض السامي لحقوق الإنسان.
ويرجح أن تلك القائمة السرية كانت السبب الرئيسي وراء رفض التحالف العربي للتقرير وامتناعه ومن ورائه الحكومة اليمنية عن التعاون مع فريق الخبراء، فضلاً عن كونها سبباً في طرد الحوثيين لممثل المفوضية السامية في اليمن العبيد أحمد العبد، وإجباره على مغادرة مطار صنعاء بعد دقائق من وصول طائرته، أواخر سبتمبر الماضي وفق وكالة “اسوشيتد برس” الأمريكية.
وتضع التقارير والتحقيقات الدولية والأممية التي تتحدث عن علاقة الإمارات والقاعدة، ومزاعم مكافحة الإرهاب في اليمن، مصداقية حكومة أبوظبي محل شك، وهنا يكون السؤال: هل تحارب الإمارات الإرهاب أم تستخدمه لما يحقق أهدافها.
وكان تقرير الخارجية الأمريكية السنوي بشأن الإرهاب في العالم، أكد أن دولة الإمارات العربية المتحدة ظلت عام 2018م، مركزاً إقليمياً وعالمياً لنقل الأموال الخاصة بالمنظمات الإرهابية، في حين تحدثت تقارير أمريكية عن تحقيقات في الكونجرس، بخصوص الأسلحة المباعة للإمارات والتي وصلت إلى جماعات متطرفة وإرهابية، وتتهم الإمارات فيها بمخالفة اتفاقية البيع، إضافة إلى اللوائح والقوانين الدولية التي تحظر تسليح الجماعات المسلحة والتنظيمات الإرهابية.
والتواجد العسكري للإمارات في اليمن، كان بهدف معلن وهو مواجهة الحوثيين واستعادة الشرعية، لكن الإمارات كان لها أجندة خفية وعمدت لاتهام كل من يواجه هيمنتها بالإرهاب، وهي ذات التهمة التي بررت بها قصف قوات الجيش التابع للحكومة الشرعية بالطيران الحربي في عدن وأبين، متحججة بأنها استهدفت مجاميع إرهابية كانت تشكل خطراً على قواتها في عدن.
ورفضت الحكومة اليمنية تلك الاتهامات، واتهمت الرئاسة الإمارات بالسعي إلى تقسيم اليمن، عبر دعم وتسليح مليشيات انفصالية مناطقية نفذت انقلاباً وتمرداً مسلحاً في عدن، إضافة إلى اتهامها بعرقلة جهود استعادة الدولة وبسط نفوذها في عدن، وعرقلة الجهود السعودية لاحتواء تلك الأحداث، مع دعوة الأخيرة إلى وقف الاعتداء السافر لشريكتها في التحالف العربي ومنع استهدافها للقوات المسلحة.
وأسفرت الجهود السعودية أوائل نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، عن توقيع اتفاق الرياض بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات.
وينص الشق الأمني والعسكري على دمج التشكيلات الأمنية والعسكرية التابعة للانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات، ضمن وزارتي الدفاع والداخلية، وفي حال تنفيذ الاتفاق ودمج تلك القوات (افتراضاً) بما فيها المتهمين بالانتماء للقاعدة ومرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب الجسيمة.
وهنا يبرز سؤال مركب يبحث عن إجابة: هل يسهم هذا الاتفاق في شرعنة المليشيات التي مارست كل هذه الانتهاكات؟ وهل يقضي الدمج على الإرهاب والعمليات الإرهابية في الجنوب، وهل يعفي الاتفاق المسؤولين الإماراتيين والمتورطين من اليمنيين والمرتزقة الاجانب من المسئولية القانونية؟
إضافة إلى اسئلة أخرى تتعلق بحقيقة انسحاب الإمارات من جنوب اليمن وتسلم السعودية لقيادة مهام التحالف هناك، وإدارة السجون ومصير المخفيين، وما إذا كانت الحكومة الشرعية ستمارس سلطة حقيقية في عدن؟
وكان الدكتور غريغوري جونسن، الذي عمل خبيراً في الجماعات المسلحة ضمن خبراء لجنة العقوبات بمجلس الأمن الدولي، كشف في تحليل مطول نشره مركز صنعاء للدراسات، عن تضليل الإمارات العربية المتحدة للولايات المتحدة الامريكية بشأن قضية الإرهاب وسعيها إلى تصنيف قيادات في حزب الإصلاح ضمن قائمة الإرهاب، مؤكداً أن الإمارات كانت ترفع تقارير مستمرة وتحث لجنة الخبراء على تصنيف إصلاحيين كإرهابيين، رغم عدم وجود أي ادلة تثبت ذلك.
زر الذهاب إلى الأعلى