أخبار اليمن

صحيفة لندنية: السعودية تسعى لتسليم جنوب اليمن للانتقالي والشمال للحوثيين

قالت صحيفة القدس العربي، إن السياسات التي ينتهجها ويتبناها التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات في اليمن، تعزز كل يوم بأنه يسير وفق لعبة محكمة للقضاء على الحكومة الشرعية بشكل تدريجي، وتسليم جنوب اليمن لميليشيا المجلس الانتقالي الجنوبي، الانفصالي الدعوم من الإمارات، وتسليم شمال اليمن للانقلابيين الحوثيين المدعومين من إيران.

وتكشف الخطوات التنفيذية لاتفاق الرياض الذي أبرم برعاية السعودية، في 12 من الشهر الجاري بين الحكومة اليمنية الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي، أن هذا الاتفاق أصبح غطاء واضحا لشرعنة وضع المجلس الانتقالي، والدفع به من ساحة التمرد ضد الشرعية إلى موقع الشريك في السلطة وجزء من الشرعية.

ونقلت الصحيفة اللندنية عن مصادر عسكرية وأمنية ميدانية في محافظة عدن أن كافة الخطوات التنفيذية التي تمت حتى الآن تصب جميعها لصالح المجلس الانتقالي، ولم تحصل الحكومة الشرعية على أي مقابل، حيث تم تنفيذ البنود المحسوبة لصالح المجلس الانتقالي وتم عرقلة كافة البنود التي تصب في صالح الحكومة، وفي مقدمة ذلك تسليم المعسكرات والأسلحة المتوسطة والثقيلة.

وأوضحوا أن بنود تسليم المقار الحكومية السيادية لقوات الحماية الرئاسية التابعة للرئيس هادي، لم يتم تنفيذ أي منها وتم التحايل عليها من خلال تسليمها لقوات تابعة للمجلس الانتقالي قامت بدمجها في قوات الحكومة الشرعية أو تغيير مواقعها العسكرية فقط ولكنها في الأساس تابعة للمجلس الانتقالي.

وأشارت المصادر إلى أن الميليشيا التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي لم تتخلّ أبدا عن توجهها الانفصالي ولا تعترف حتى الآن بدولة اليمن، حيث تعتبر نفسها قوات جنوب عربي بدعم وتسهيل من الإمارات والسعودية على حد سواء، حيث تجد نفس الدعم حاليا من قبل القوات السعودية التي خلفت القوات الإماراتية في عدن، ولكن الأخيرة شرعنة دعمها لميليشيا المجلس الانتقالي بـ«اتفاق الرياض».

ويرى كثير من المسؤولين اليمنيين أن سياسة التحالف السعودي الإماراتي في اليمن أصبحت مكشوفة في أنها تسير في غير الاتجاه المعلن، حيث أصبح التحالف يعمل بالمكشوف باتجاه القضاء على الحكومة الشرعية وإنهاء سلطتها في اليمن، ويعتقدون أن «الرياض وأبو ظبي استخدمتا حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي كغطاء لشرعنة تدخلهما العسكري في اليمن».

وهذا ما يكشفه كل يوم كبار المسئولين اليمنيين قبل المعارضين للسياسات السعودية والإماراتية في اليمن، حيث قال وزير الداخلية اليمني أحمد الميسري في تغريدة له في صفحته الرسمية في تويتر قبل أيام: «لا تهمنا المناصب ولا يهمنا سوى الوطن، سنظل ندافع عن وطننا وسنقدم أرواحنا لأجل وطنا» في إشارة إلى عدم رضاه عما تقوم به السعودية والإمارات في اليمن.

وكان قد حذّر في تغريدة له قبيل توقيع اتفاق الرياض من مغبة الالتفاف على الحكومة الشرعية من قبل رعاة الاتفاق وفي مقدمتها دولة الإمارات، فقال: «يجب على كل شرفاء الوطن وفي مقدمتهم الرئيس هادي أن يكون موقفهم حازما وأن يتحلوا بالثوابت الوطنية وألا يقبلوا أي اتفاق يكون مهينا للشرعية وتلميعا للميليشيا. يكفي عبثا بالوطن، لن نقبل أن نكون تحت رحمة الإمارات وميليشياتها التي عبثت بكل مقدرات الوطن».

وقال القيادي الجنوبي في حزب المؤتمر الشعبي العام ياسر اليماني: «لا بد أن نعلم أبناءنا اليمنيين كراهية الإمارات والسعودية ونزرع فيهم الحقد لمن دمر اليمن وقتل اليمنيين، هذه الثقافة التي يجب أن نعلمها لأطفالنا. لا تسامح مع من قتل الأطفال والنساء بالطائرات وقتل الشباب في السجون وقتل حفظة القرآن في الشوارع ودمر وطنا بأكمله ويحاول اليوم تقطيعه وتقسيمه».

وكانت القوات الإماراتية عبثت كثيرا بالوضع الأمني في الجنوب من خلال معتقلاتها السرية واعتقالها للكثير من مناهضي السياسة الإماراتية في الجنوب، بالإضافة إلى دعمها اللامحدود لميليشيا المجلس الانتقالي عسكريا وماليا والتي سيطرت رسميا على محافظات عدن وأبين ولحج والضالع منتصف آب (أغسطس) الماضي، وطردت حينها الحكومة الشرعية وسيطرت على كافة المقرات الحكومية.

من جانبها أصبحت السعودية تتخذ خطوات مكشوفة ومتسارعة لصالح ميليشيا الانقلابيين الحوثيين في شمال اليمن أيضا، الذين اتخذت منها ذريعة لتدخلها العسكري في اليمن قبل أكثر من أربع سنوات ونصف بمبرر حماية حدودها الجنوبية من الميليشيا الحوثية.

وفاجأت السعودية اليمنيين الثلاثاء بإعلان فتح مطار صنعاء الدولي وإطلاق سراح نحو 200 أسير من الميليشيا الحوثية، بمبادرة أحادية ودون مقابل، وهي الخطوة الذي أحدثت ردود أفعال غاضبة من قبل الشارع اليمني وفي مقدمتهم الكثير من المسئولين والسياسيين والفاعلين اليمنيين.

وأعلن التحالف السعودي الإماراتي في بيان لمتحدثه الرسمي، العقيد تركي المالكي، أن «قيادة التحالف وبمبادرة منها، قررت إطلاق سراح 200 أسير من أسرى المليشيات الحوثية، وتسيير رحلات جوية بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية لنقل المرضى من العاصمة اليمنية صنعاء إلى الدول التي يمكن لهم أن يتلقوا العلاج المناسب لحالاتهم»، وبرر المالكي هذه الخطوة بأنها تأتي «انطلاقاً من حرص قيادة التحالف على مواصلة دعم جهود حل الأزمة في اليمن والدفع باتفاق ستوكهولم، بما في ذلك الاتفاق المتعلق بتبادل الأسرى».

وعززت هذه الخطوة قناعات اليمنيين بأن السياسة السعودية لم تكن أبدا لصالح اليمن بقدر ما كانت خدمة لأهدافها البعيدة والتي تشترك فيها مع الإمارات، حيث أجادت الرياض وأبو ظبي تبادل الأدوار بينهما في اللعب بالقضية اليمنية، والتي كانت نتيجتها هذه الحرب المدمرة للبلاد والعباد منذ تدخل التحالف العربي بغاراته الجوية عشية 26 آذار (مارس) 2015، بمبرر إعادة الحكومة الشرعية للبلاد.

وعلّق الإعلامي والباحث السياسي خطّاب الروحاني على هذه الخطوة بقوله إن «الإدارة السعودية تتمتع بعبقرية استثنائية، أغلقت مطار صنعاء أمام المدنيين عقابا للحوثيين، ثم قررت فتحه للحوثيين فقط لأسباب إنسانية، واستمرار منع المدنيين».

وقال الصحافي غمدان اليوسفي: «من التفاهة بمكان فتح مطار صنعاء بدون التفاهم على فتح طريق الحوبان والمخا (في تعز)، وهي النقطة التي كانت مطروحة في السويد وظل الحوثي يضغط بها، واليوم بدون أي نقاش سياسي وبدون شروط يتم اتخاذ خطوة من حق الشرعية التفاهم للحصول على مكاسب للناس من خلالها»، ووصفه بـ(التحالف التافه).

ووفقا للمعطيات الراهنة أصبحت السعودية والإمارات تتخذان خطوات متسارعة لإيجاد مخرج لإنهاء الحرب في اليمن، من خلال تسليم المحافظات الجنوبية للمجلس الانتقالي الجنوبي وتسليم المحافظات الشمالية للميليشيا الحوثية، مع الإبقاء على محافظات المهرة وحضرموت وشبوة ومأرب وتعز بيد المعارضين لهما، كمناطق بؤر توتر للإبقاء على الوضع في اليمن غير مستقر للأبد، لتحقيق الأهداف الإستراتيجية السعودية في اليمن بالإبقاء عليه كحديقة خلفية تابعة للرياض وتفريغه من مكامن القوة أيا كان نوعها.

 

زر الذهاب إلى الأعلى