تقنية

علماء يثبتون دور الهيدروجين بتسريع تغير المناخ.. هل يخرج من دائرة “الوقود النظيف”؟

اقرأ في هذا المقال

  • تتعدد طرق صناعة وإنتاج الهيدروجين الذي يُعَد “النوع الأخضر” منه مصدر طاقة نظيفًا.
  • هناك مجموعة كبيرة من الأدلة التي تشكك في جدوى الخصائص النظيفة المقترنة بالهيدروجين.
  • الهيدروجين سرعان ما يتحوّل إلى أحد غازات الدفيئة نفسها.
  • يمكن استعمال خلايا وقود الهيدروجين تلك بوصفها محطات لتوليد الكهرباء.
  • يمكن حرق الهيدروجين النقي لتوليد الكهرباء.

قد تصطدم الآمال العالمية المعقودة على قطاع إنتاج الهيدروجين بواقع مخيّب للآمال بعد أن ربط علماء بين هذا الوقود وتفاقم آثار تغير المناخ التي تُهدد كوكب الأرض.

وتتعدد طرق صناعة وإنتاج هذا الوقود الإستراتيجي الذي يُعَد “النوع الأخضر” منه مصدر طاقة نظيفًا ومرنًا، وتتزايد تطبيقاته في قطاعات عدة مثل توليد الكهرباء والنقل وخلايا الوقود.

وبينما تخصص حكومات دول عدة؛ من بينها أميركا، مليارات الدولارات لإنتاج الهيدروجين لاستعماله وقودًا للسيارات وللمصانع ومحطات الكهرباء، تبرز مجموعة من الأدلة التي تشكك في جدوى الخصائص النظيفة المقترنة بهذا الوقود منخفض الكربون.

ومنحت وزارة الطاقة الأميركية مؤخرًا ما إجمالي قيمته 7 مليارات دولار إلى 7 مراكز إقليمية لإنتاج هذا الوقود، إلى جانب ائتمانات ضريبية ضخمة أصبحت قواعدها تخضع لتكتل الصناعة القوي، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

مخاطر مناخية

تأتي جهود تعزيز إنتاجية الهيدروجين في وقت يحذر خلاله علماء من أن اندفاع الحكومة الأميركية لزيادة السعة الإنتاجية من هذا الوقود المستقبلي، من وجهة نظر الكثيرين، لم يأخذ في الحسبان المخاطر المناخية المقترنة به، ومن بينها احتمالية أن يقود هذا الغاز المتسرب إلى تطويل أمد آثار الاحتباس الحراري الناتج عن الميثان، وفق تقرير بحثي أعده معهد الطاقة والبحوث البيئية (Institute for Energy and Environmental Research).

بل ذهب العلماء إلى ما هو أبعد من ذلك محذرين من أن الهيدروجين سرعان ما يتحول إلى غاز دفيء نفسه حينما يَنتُج عنه بخار ماء ويتصاعد إلى طبقات الجو العليا.

ووجدت دراسات عدة أن حرق هذا الغاز في محطات الكهرباء يزيد من تكوين أكاسيد النيتروجين التي تُعد عوامل ملوثة تسبب الضباب الدخاني وتضر بالصحة العامة، كما تُسهم في ظاهرة الاحترار العالمي.

وقال المحلل في معهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي (Institute for Energy Economics and Financial Analysis) ديفيد شليسل، إن الهيدروجين هو “غاز احترار عالمي غير مباشر”، في تصريحات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.

وأضاف شليسل: “هذا الوقود يطيل مدة بقاء غاز الميثان في الغلاف الجوي، وإذا استهلكته في محطة كهرباء؛ فإنك تُنتِج الكثير من أكاسيد النيتروجين، والتي يَنتُج عنها ضباب دخاني”.

وفي شهر يناير/كانون الثاني (2024) أصدر تحالف الحلول العادلة “ذا جاست سوليوشنز” (The Just Solutions coalition) تقريرًا أعده معهد الطاقة والبحوث البيئية، يستكشف الانبعاثات وآثار استعمال المياه الناجمة عن تزايد الاعتماد على الهيدروجين وقودًا للأغراض المختلفة.

كما كُشِف عن نتائج مماثلة في بحث أعدّه العلماء بجامعة كورنيل، وكذلك في دراسة منفصلة بوساطة معهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي.

محطة لإنتاج الهيدروجين الاخضر
محطة لإنتاج الهيدروجين الأخضر – الصورة من Plug Power

استعمالات ومخاوف

عند دمج الهيدروجين النقي مع الأكسجين في خلايا وقود الهيدروجين؛ تَنتُج الكهرباء، وتتمثل المنتجات الثانوية بتلك العملية في بخار الماء والحرارة.

ويمكن استعمال خلايا وقود الهيدروجين بصفتها محطات لتوليد الكهرباء -من حيث نقل الكهرباء إلى الشبكة- أو حتى يمكن استعمالها في تشغيل مركبات مثل الشاحنات أو القاطرات.

ويمكن القول إن السيارة العاملة بخلايا وقود الهيدروجين، على سبيل المثال، هي -أساسًا- سيارة كهربائية بنيت مع مصدر شحن مدمج.

كما يمكن حرق الهيدروجين النقي لتوليد الكهرباء أو العمليات الصناعية، على غرار احتراق الغاز الطبيعي ولكن دون إحداث تلوث مباشر يسبب تغير المناخ أو يضر بالصحة العامة.

ويمكن دمج الهيدروجين مع الغاز الطبيعي أو حرقه في محطات توليد الكهرباء بالغاز الطبيعي، وتجري عملية إنتاج الهيدروجين النقي -الآن- في الغالب من الغاز الطبيعي؛ ما يؤدي إلى الانبعاثات الكربونية.

وفي حال عُزِل هذا الكربون، يعرف هذا الوقود باسم الهيدروجين الأزرق، بينما إذا أُنتِج هذا الوقود من الماء باستعمال مصادر الطاقة المتجددة، يُعرف حينها باسم الهيدروجين الأخضر الذي يَنتُج عنه -نظريًا- مستويات منخفضة من غازات الدفيئة أو الانبعاثات الأخرى.

لكن حتى إذا لم يتسبب إنتاج الهيدروجين، واستعمال خلايا الوقود مباشرة في انبعاثات غازات الدفيئة، فيمكن لتلك العملية أن تُسهم في تغير المناخ بسبب الطريقة التي يتفاعل بها هذا الغاز مع -أو يؤثر في- العناصر الأخرى بالغلاف الجوي.

انبعاثات المبثان من منشأة نفطية
انبعاثات الميثان من منشأة نفطية – الصورة من بلومبرغ

انبعاثات الميثان

من الممكن أن يخلف الهيدروجين النقي في حال تسربه إلى الغلاف الجوي تأثيرًا في تركيزات الميثان الخطير بالجو، وهي نقطة لم تأخذها السياسة الفيدرالية الأميركية في الحسبان، وفق ما قاله مؤلف التقرير الصادر عن معهد الطاقة والبحوث البيئية أرجون ماخيجاني، وتابعته منصة الطاقة المتخصصة.

وأوضح ماخيجاني أن شوارد الهيدروكسيل -ذرات الأكسجين والهيدروجين أحادية الرابطة- هي بمثابة “المنظف الرئيس” للغلاف الجوي من الملوثات الكيميائية، وتصل مدة بقائها في الغلاف الجوي إلى قرابة ثانية واحدة، مقارنة بالميثان الذي قد يستمر إلى نحو 9 سنوات في الهواء.

وعند استهلاك شوارد الهيدروكسيل في تحليل الهيدروجين النقي، لا يتبقى منها سوى القليل لتحليل الميثان، علمًا بأن هذا التأثير يُسهم بنصف الاحترار العالمي الناتج عن الهيدروجين، بحسب التقرير.

وفي هذا الصدد قال ماخيجاني: “إذا ما كنت تُنتِج غاز الهيدروجين، وحصل تسرب كميات كثيرة منه؛ فإنك ستزيد تركيزات الميثان في الهواء حتى لو لم ترتفع انبعاثات الميثان”.

وحتى إذا انطلق الهيدروجين في الغلاف الجوي؛ فإن بعضًا منه يتحول في النهاية إلى بخار ماء بالهواء، ورغم أن هذا البخار الموجود في طبقات الجو السفلية لا يتسبب في ارتفاع درجات الحرارة؛ فإن زيادة بخار الماء بالهواء تُحدِث آثار غازات الدفيئة في حد ذاته.

وهذا يمثل قرابة 3% من احتمالية حصول احترار عالمي بسبب الهيدروجين، وفق التقرير.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.

Source link

زر الذهاب إلى الأعلى