انتفاضة ضد الطاقة النظيفة في أميركا.. هل تفشل خطة بايدن؟
بدت طموحات الطاقة النظيفة في أميركا واعدة، في ظل تحديد إدارة الرئيس جو بايدن ملامح خطّته لخفض انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة 50% بحلول عام 2030.
إلّا إن الحكومات المحلية في الولايات المتحدة صاعدت احتجاجاتها ضد إنشاء مواقع صناعية غير مرغوب فيها تعمل بطاقة الرياح والطاقة الشمسية في ولاياتها القضائية.
وفي مقال اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة، سلّط الكاتب ديفيد بلاكمون الضوء على عواقب نشر الطاقة النظيفة في أميركا، متوقعًا أن تزداد حدّة هذه المقاومة في السنوات المقبلة.
إذ أصبح من الواضح للمواطنين أن حكومات ولاياتهم فشلت في سَنّ هياكل تنظيمية فعّالة تتطلب التقاعد الكامل لهذه المواقع الصناعية وفي الوقت المناسب، وإصلاحها عندما ينتهي عمرها الإنتاجي.
وبحلول ذلك الوقت، سيكون الأوان قد فات بالنسبة للمجتمعات المحلية لحماية حقوقها؛ إذ تُعدّ الطريقة الحقيقية الوحيدة لحماية مدينة أو مقاطعة من هذه التأثيرات، هي رفض السماح ببنائها.
عواقب الطاقة النظيفة في أميركا
ذكر الكاتب ديفيد بلاكمون أن الولايات الأميركية مهدت الطريق من خلال ترديد أهداف إدارة بايدن المتمثلة في “طاقة نظيفة بنسبة 100% بحلول عام 2035، وهو هدف يعتمد على بناء محطات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح على نطاق واسع”.
ومع ذلك، رُفضت مثل هذه المواقع الصناعية الكبيرة والقبيحة والمدمرة من قبل ضعف عدد حكومات المقاطعات التي وافقت عليها، نقلًا عن تقرير نشرته صحيفة “يو إس إيه توداي” (USA Today).
وأوضح التقرير أن حالات الرفض تأتي نتيجة مزيج من “الحظر التام، والوقف الاختياري، وعوائق البناء، وغيرها من الظروف التي تجعل بناء الطاقة الخضراء أمرًا صعبًا”.
وأشار بلاكمون -في مقاله الذي نشرته صحيفة “ذا تيليغراف” (The Telegraph)- إلى أن هذه المواقع الصناعية الضخمة تخلق كل أنواع العواقب السلبية على المجتمعات المحلية، مثل الضوضاء العالية الناتجة عن توربينات الرياح، ومئات الطيور والخفافيش النافقة المنتشرة في جميع أنحاء الريف.
بالإضافة إلى ذلك، أُخرجت آلاف الأفدنة من المزارع الإنتاجية أو أراضي الماشية، من الإنتاج لسنوات عديدة، إن لم يكن بشكل دائم، و”المقابر” الهائلة المليئة بشفرات بطول 150 قدمًا وألواح شمسية تظهر في كل مكان.
وأكد الكاتب أن هذه العواقب وغيرها أصبحت واضحة بشكل متزايد مع مرور الوقت، وهذا يجعل من الصعب على المطورين الحصول على القبول من المجتمعات التي قد تكون بمثابة المضيفين.
يُذكر أن الكاتب ديفيد بلاكمون يتمتع بمسيرة مهنية مدتها 40 عامًا في صناعة الطاقة الأميركية، قضى آخر 23 عامًا منها في مجال السياسة العامة، إذ أدار القضايا التنظيمية والتشريعية لمختلف الشركات.
حماية حقوق الأميركيين
أوضح الكاتب ديفيد بلاكمون أنه من حسن الحظ أن النظام القانوني في الولايات المتحدة بُنِيَ على النحو الذي يحمي حقوق كل أصحاب المصلحة في أي تنمية صناعية.
ويشمل أصحاب المصلحة هؤلاء المواطنين المحليين، وشركاتهم، وبنيتهم التحتية المحلية، ومواقعهم الأثرية، وكياناتهم الحكومية، وهذه أمور مسلّم بها.
إلّا إن المجتمع الأميركي رأى على مدى العقود الماضية أنه من المناسب تقديم تدابير حماية مماثلة للحيوانات والنباتات والمياه والهواء أيضًا.
وقال بلاكمون: “كلّما سمعنا مطوري الطاقة أو أيّ مشروعات صناعية أخرى يشكون من عمليات التصاريح الطويلة والمعقّدة التي يجب عليهم الالتزام بها، يجب علينا أن نتذكر أن معظم العقبات التي يتعين عليهم التغلب عليها للحصول على تصاريحهم تتعلق بالقواعد التنظيمية المصممة لحماية حقوق أصحاب المصلحة”.
وفي الولايات المتحدة، تتعلق هذه اللوائح بالقوانين البيئية الرئيسة، مثل قانون الهواء النظيف، وقانون المياه النظيفة، وقانون الأنواع المهددة بالانقراض، وقانون السياسة البيئية الوطنية، وغيرها، مثل قانون الآثار.
وأكد بلاكمون أن مصطلح “تبسيط التصاريح” هو في الواقع رمز لتقليص إجراءات حماية أصحاب المصلحة.
حلول قسرية غير مجدية
أشار الكاتب ديفيد بلاكمون إلى أن هذه هي المقايضة التي يتعين على الولايات المتحدة وغيرها من الديمقراطيات الغربية أن تتصارع معها، إذا كان لها أن تحقق أهدافها المناخية.
وأكد أن كل “حل” قُدِّم من قبل المجتمع القلق بشأن المناخ والنخب العالمية التي تدفع خطتها، يتطلب تنفيذ سياسات استبدادية مصممة لتقليص حقوق أصحاب المصلحة، وإجبار المستهلكين المترددين لدفع الثمن.
وتابع أن هذه الأنواع من الحلول القسرية لا تتوافق في الواقع مع الحفاظ على مجتمع حرّ يحمي حقوق جميع أصحاب المصلحة، وفق ما جاء في المقال الذي اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
ويشكّل هذا الواقع المعضلة المركزية لهذا التحول القسري المدعوم بشدة للطاقة -وهو في واقع الأمر لا يشكّل تحولًا على الإطلاق- وهو السبب وراء رفض العديد من الحكومات المحلية لهذه المواقع الصناعية المقترحة.
وقال بلاكمون: “يدرك المدافعون عن المناخ هذه الحقيقة، ولهذا السبب أصبحت خطاباتهم أكثر حدّة وسخونة بمرور الوقت”.
وأضاف: “في الديمقراطيات، نقرر القضايا الكبرى مثل هذه من خلال الانتخابات.. وما دمنا نضمن إجراء هذه الانتخابات بحرّية ونزاهة، يبدو من غير المرجح أن يكون الناخبون على استعداد للتنازل عن حقوقهم لصالح تحقيق أهداف مناخية غامضة”.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..