وثائق تكشف عن مشروع تجاري عملاق لطارق وسبب إصراره على تعيين “الشرعبي” مديرا لميناء المخا
الاول برس – متابعة خاصة:
كشفت وثائق رسمية عن مخطط اطماع طارق عفاش، قائد قوات ما يسمى “المقاومة الوطنية حراس الجمهورية” التي تسيطر حاليا على مدن الساحل الغربي لليمن المحررة (بين تعز والحديدة) بتمويل اماراتي، في ميناء المخا، وتحويله إلى مركز امبراطورية خاصة للنفط.
وبددت الوثائق الحيرة بشأن اصرار طارق عفاش على تعيين “عبدالملك الشرعبي” مديرا للميناء، وتعامله معه في حديثه عن الميناء ضمن المقابلة المصورة التي اجراها معه مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، على انه المدير الجديد للميناء رغم رفض وزارة النقل ترشيحه.
طارق قال: إن “ميناء المخا مغلق منذ العام 2014 والآن نحن جاهزون لافتتاح الميناء ما عندنا أي مشكلة، يتفضلوا يقدموا دعما لتشغيله. لا تستطيع تشغيله ولا يوجد عنده إمكانيات”. رغم سيطرة قواته على ايرادات المخا.
مضيفا: “تفاهمنا مع السلطة المحلية ومع رئاسة الوزراء بتعيين مدير للميناء وفعلا تم تكليف الدكتور عبدالملك من قبل المحافظ وننتظر تعميد القرار من رئاسة الوزراء”. وهو التكليف الذي اعلن وزير النقل عبدالسلام حميد رفضه.
وتابع: “مدير ميناء المخا الآن يمارس عمله من داخل الميناء ولكن لا توجد لديه أي إمكانيات”. مردفا: “يهمنا يشتغل ميناء المخا ويتطور ويكون نافذه لليمن لتقديم المساعدات وإذا حصل مشكلة في ميناء الحديدة فميناء المخا يكون جاهزاً”.
يثير هذا الاصرار من طارق عفاش على تعيين “الدكتور عبدالملك” مديرا لميناء المخا، التساؤلات عن هوية “عبدالملك” المقصود من طارق، وخلفيات التمسك بتعيينه مديرا لميناء المخا، حتى بعد اعلان وزير النقل رفض تكليفه من محافظ تعز.
وفقا لمصادر مطلعة، فإن اصرار طارق على تعيين عبدالملك الشرعبي، مديرا لميناء المخا، يرجع إلى كونه عضوا في اللجنة الدائمة للمؤتمر الشعبي، الموالي للامارات، كان مقربا من محافظ تعز الاسبق، حمود الصوفي، المقيم في الامارات والتحق بطارق.
يضاف إلى هذا، “سعي طارق إلى إنشاء ميناء ومركز لتجارة المشتقات النفطية في المنطقة لتعزيز قبضته عليها، عبر شركة تابعة لوزارة النفط اسميا ولا وجود لها عمليا أو أصول فعلية”، ويزعم عبدالملك الشرعبي أنه رئيس لها وينشط بهذه الصفة.
المصادر، قالت: إنها حصلت على وثائق تكشف عن مخطط مطروح منذ قرابة العام لإنشاء خزانات عائمة للنفط بالقرب من ميناء المخا التابع لمحافظة تعز والمغلق لصالح قاعدة عسكرية إماراتية وقوات طارق عفاش الموالية للامارات والممولة منها.
مضيفة: كما تكشف عن مساعي لبناء كيان يتبع إسميا وزارة النفط وتبين بعد التحريات أن مدير هذا الكيان (الشركة) هو عبدالملك الشرعبي وجرى تعيينه من قبل وزير النفط والمعادن، في حكومة الحوثيين بالعاصمة صنعاء غير المعترف بها دولياً.
وتابعت: قدمت لمحافظ تعز نبيل شمسان، دراسة للمشروع ومذكرة صادرة عن رئيس الشركة اليمنية للنقل الثقيل وخدمات حقول النفط (يتكو المحدودة)، عبدالملك الشرعبي، تتعلق بصفقة استثمار الشركة في مجال توفير وتخزين المشتقات النفطية بالساحل الغربي التابع للمحافظة.
موضحة أن “المشروع هو عبارة عن إنشاء ميناء عائم لاستيراد وتخزين وتموين المشتقات النفطية في الساحل الغربي كمرحلة أولى، ومن ثم انشاء خزانات ثابتة على اليابسة في للتخزين كمرحلة ثانية، واقترحت الدراسة مدينة المخا، موقعا لتشييد المشروع.
مقترح انشاء المشروع المكون من 9 صفحات، حصل “الحرف 28” على نسخة منه، يقول في ديباجته إنه يسعى لتوفير “الاحتياج اللازم من المشتقات النفطية لمديريات الساحل الغربي” رغم أن الشركة “منتحلة للعمل في غير مجالها” بحسب خبير نفطي.
تطلق الجهة التي تسعى للعمل كواجهة لمركز تجارة المشتقات النفطية في الساحل الغربي، على نفسها إسم “الشركة اليمنية للنقل الثقيل وخدمات حقول النفط (يتكو المحدودة)” بوصفها “شركة حكومية” تابعة لوزارة النفط أُنشئت في العام 1991م.
شركة (تيكو المحدودة) هي واحدة من أصل ثلاث شركات أنشأتها الشركة اليمنية للاستثمارات النفطية والمعدنية لتقديم الخدمات النفطية، حيث عملت الشركة اليمنية للنقل الثقيل وخدمات حقول النفط مع شركة “جنة هنت” في نقل الحفارات.
لكن من الواضح أن هذه الشركة لا علاقة للشركة حالياً بشركة “جنة هنت”. فضلا عن أن لا اصول عملية لها في الواقع، بما في ذلك عنوانها الوارد في وثائق عرضها دراسة المشروع، والذي تقول انه انتقل من عصر في صنعاء إلى عدن، لكن هواتفها لا تجيب عن الاتصال بها.
وقالت الشركة: إنها تعمل على ثلاثة محاور هي الحصول على الموافقات اللازمة من الجهات المعنية في الساحل الغربي، وهو شريط ساحلي يمتد بين محافظتي تعز والحديدة، بطول 150 كم من ساحل تعز، وأكثر من 100 كم من محافظة الحديدة تقريبا.
لا يخضع “الساحل الغربي” لسلطة الحكومة ولا السلطات المحلية في محافظتي الحديدة وتعز، وتتوزع فيه تشكيلات عسكرية محلية تديرها الإمارات، تضم الوية “العمالقة الجنوبية” و”المقاومة التهامية” و”المقاومة الوطنية حراس الجمهورية” والاخيرة اقواها ويقودها طارق عفاش.
حسب الوثائق، فإن الشركة لم تعتمد موقعا حتى الآن، لكن هناك إشارات الى المخا الذي تسيطر عليه الإمارات وتغلقه منذ استعادة المنطقة في 2017 كموقع للمشروع المقترح، الذي بررته الشركة بفضل قرار التعويم للمشتقات النفطية، واحتياجات الساحل الغربي.
وجاء إختيار “الساحل الغربي” تحديداً كنطاق جغرافي للمشروع، بسبب السيطرة العسكرية لتشكيلات ما يسمى “المقاومة الوطنية” التي يقودها طارق عفاش وتحظى بدعم قوي من الإمارات، ومؤخراً أطلقت مكتباً سياسياً كذراع سياسي للتشكيل المسلح مشابه للمجلس الإنتقالي الجنوبي.
وقالت الشركة: إنها “ستعمل على تنفيذ المشروع استنادا إلى صلاحياتها كشركة حكومية”. لكن اللافت أن الشركة لم تذكر من خولها هذه الصلاحيات، ولم تشر إلى أي تنسيق مع الجانب الحكومي والجهات المعنية المختصة بمثل هذا نشاط، ممثلة بوزارة النفط.
حسب المصادر فإن وزير النفط عبدالسلام باعبود عند سؤاله عن الشركة، وما إذا كانت تتبع الوزارة وتزويده بنسخة من المذكرة المرسلة الى محافظ تعز، أجاب بصورة مقتضبة “هناك شركة تابعة (لشركة) للإستثمارات النفطية بهذا الإسم .. لكن دعنا نتأكد”.
لكن الوزير لم يرد بعدها على محاولات التواصل معه لمعرفة نتائج “التأكد”. فيما تؤكد مصادر ميدانية أن المشروع انتقل إلى مرحلة التنفيذ مع حلول نهاية العام الفائت، وشرع القائمون على الشركة ومن يقفون خلفها، بمحاولة شرعنة الخطوة وتمريرها عبر مسؤول في الشرعية.
زعمت مذكرة الطلب الموجهة لمحافظ تعز بتاريخ 25 ديسمبر2020 إن المشروع يسعى “لخدمة كافة المناطق المحررة بتوفير وتخزين مادة المشتقات النفطية وعمل منشأة خاصة بذلك وبما يتناسب مع المشروع ويخدم المنطقة ومصلحة محافظة تعز وخاصة المناطق المحررة”.
مضيفة: إنها من خلال المشروع “ستستهدف السوق في كامل المنطقة المحررة من ساحلي محافظة تعز والحديدة، وهي من حيث المساحة الجغرافية تمثل نصف محافظة تعز تقريبا (مديريات المخا وموزع والوازعية وذباب، ومديريات الخوخة وحيس والتحيتا والمناطق المحررة من الحديدة).
كما قالت الشركة: إنها “تهدف إلى منع التهريب”. في أكثر المناطق المعروفة بالتهريب منذ عقود طويلة، ابان حقبة حكم الرئيس السابق علي صالح عفاش، الذي عطل ميناء المخا، وحوله إلى منطلق لتهريب الخمور والممنوعات والنفط والديزل المدعومان حكوميا إلى القرن الافريقي.
وطلب مدير الشركة عبدالملك الشرعبي في المذكرة من محافظ تعز نبيل شمسان التوجيه بعمل الترتيبات اللازمة لتحديد موقع بحري للخزان العائم وموقع لإقامة الخزانات السطحية على اليابسة للمنشاة، وصولا لإبرام اتفاق ينتج عنه البدء بتنفيذ إقامة المشروع.
لكن الشرعبي، برز مؤخرا اسمه، بوصفه جرى تكليفه من محافظ تعز مديراً لميناء المخا، في خطوة تثير التساؤل ما إذا كان ذلك حصل بالصدفة، أو أن للمحافظ نفسه علاقة بالمشروع أو أن آخرين طلبوا منه تمرير الإثنين: مشروع الشركة، وتعيين الشرعبي نفسه في موقع مدير الميناء.
يعد عبدالملك الشرعبي، عضوا في اللجنة الدائمة للمؤتمر الشعبي العام الموالي للرئيس السابق علي صالح عفاش وعائلته، وهو مقرب من رئيس الأمن السياسي السابق حمود الصوفي المقيم في الإمارات، ومؤخراً التحق بطارق عفاش في الساحل الغربي ويعمل معه.
ووفق مصادر متطابقة، فإن “الشرعبي أحد كوادر وزارة النفط، وتم تعيينه مديراً للشركة المذكورة من قبل وزير النفط في حكومة شركاء الانقلاب على الشرعية (الحوثيين وعفاش) بصنعاء، وقد فر مع آخرين عقب مقُتل عفاش على أيدي الحوثيين في ديسمبر إلى مناطق الحكومة الشرعية.
لكن مصادر في وزارة النفط، علقت بقولها: إن النشاط الذي يسعى الشرعبي ومن يقف خلفه الى شرعنته في “الساحل الغربي” ليس من إختصاص الشركة التي يديرها (يتكو) ويعتبر من صميم عمل شركة النفط اليمنية، ويجب أن يكون تحت إشراف الوزارة.
وأوضحت أن “المشروع يجب أن يقدم لوزير النفط الذي بدوره يحيلها إلى شركة النفط وليس لمحافظ تعز باعتباره غير مخول بالأمر، وإن كانت مدينة المخا التي يراد تشييد المشروع فيها تابعة اداريا لمحافظة تعز”. فضلا عن كون مدينة المخا عُزلت عن المحافظة.
تتبع المخا محافظة تعز إداريًا، لكنها تعرضت لعزل كامل، مع سيطرة تشكيلات عسكرية مدعومة إماراتيًا عليها، عقب استعادتها من يد جماعة الحوثيين، أواخر يناير2017، وصارت هذه التشكيلات العسكرية تشكل رديفاً لحصار الحوثيين للمدينة.
وفرضت الإمارات بواسطة هذه التشكيلات العسكرية التابعة لها، هيمنتها على الميناء وحولته الى قاعدة عسكرية وقامت بتعيين مسؤولين على رأس مؤسسات الحكومة موالين لها بعيدًا عن السلطات المحلية الموالية للحكومة الشرعية في تعز.
في مارس الماضي، قضى قرار غير معلن أصدره محافظ تعز نبيل شمسان، بتعيين الشرعبي مديرا لميناء المخا خلفًا لـ محمد صبر، والذي سيتم تعيينه مستشارًا لمدير الميناء، إلا أن القرار تم إيقافه ومنع تداوله، عقب تحفظ وزارة النقل عليه.
أصدر وزير النقل عبدالسلام حميد في مارس الماضي، تعميما يقضي بعدم التعامل مع أي قرارات تكليفات وظيفية في الهيئات والمؤسسات والشركات العامة وفروعها التابعة لوزارة النقل ومنافذ الجمهورية، من أي جهة كانت ما لم تكن صادرة من وزارة النقل.
وتحدث وزير النقل في الحكومة المعترف بها دوليا، في رسالة وجهها لاحقا إلى محافظ تعز عن أن “تعيين مدراء الموانئ والمطارات والمنافذ من اختصاص وزارة النقل”، وقال: “وعليه فإننا نحيطكم بعدم الموافقة على تكليف الشرعبي مديرا لميناء المخا”.
وأضاف حميد: “ونؤكد لكم أن مدير عام ميناء المخا الفعلي هو الاخ محمد احمد عبدالرحمن صبر، وفقا لقرار مجلس الوزراء رقم 38 لسنة 2013م بشأن تعيينه مديرا عاما لميناء المخا”. ومع ذلك اصر طارق في المقابلة على التحدث عن الشرعبي مديرا للميناء.
الامر الذي يعزز افادة مصادر محلية متطابقة بإن “مشروع الميناء النفطي العائم وخزانات مشتقات النفط المزمع تشييده في المخا يتبع طارق عفاش، وهو من أسند إلى الشرعبي مهمة متابعة تنفيذ المشروع وإضفاء الطابع الرسمي عليه.
ويشير مشروع مركز تجارة المشتقات النفطية المقترح في الساحل الغربي إلى أنه جزء من “إستثمارات” أخرى، شرع طارق عفاشفي تنفيذها ضمن مخطط وجود طويل في تلك المنطقة، ويُتوقع أن يكون مصدر دخل كبير لتجارة ضخمة.
كما يمكن أن يستخدم غطاء لأنشطة أخرى في منطقة التصقت بجزء من تاريخ عفاش وحقبته، كممر لتهريب الخمور والممنوعات والنفط المدعوم حكومياً قبل الإنقلاب إلى دول القرن الأفريقي، عبر شبكة يُتهم الرئيس السابق برعايتها.
يعزز هذا المشروع وحديث طارق الإتهامات للإمارات بالسعي الى فصل مناطق الساحل عن تعز وبناء كيان موازٍ على امتداد الشريط الرابط بين تعز والحديدة (الساحل الغربي) لمصلحة طارق وقواته، ويتم تزويده بالوسائل اللازمة للبقاء.
ويبرز من حديث طارق عن الميناء في المقابلة مع مركز صنعاء أنه “يحاول البحث عن مشروعية لهذه الأنشطة من خلال تمريرها عبر مسؤولين يعملون لمصلحته تحت عباءة الشرعية في محافظتي تعز والحديدة، ورئيس الوزراء.