أخبار اليمن

شاهد .. الحكاية الكاملة لـ “انتفاضة ديسمبر” والخطأ الاكبر لعفاش الذي اودى بحياته (تفاصيل صادمة)

الاول برس – خاص:

كشفت الذكرى الثالثة لـ “انتفاضة ديسمبر” التي دعا إليها الرئيس السابق علي صالح عفاش، ضد الحوثيين، عن الخطأ الابرز الذي مكن الحوثيين من اخماد الانتفاضة خلال ثلاثة ايام، وأدوى بحياة عفاش، بتلك الطريقة الصادمة لانصاره في اليمن، والتي مثلت فاجعة لهم مازالوا يعانون تبعاتها نفسيا حد الاكتئاب وانفصام الشخصية.

ومازال الآلاف من انصار الرئيس السابق علي عفاش، يعانون آثار الفاجعة بمصرع زعيمهم الذين كانوا يرون فيه اليمن أو كما كانوا يرددون “زعيم بحجم الوطن”، وبينما يشددون على أنه قاتل بشجاعة حتى استشهد (قتل)، فإنهم في الوقت نفسه يبكونه بحسره ويتهمون الشرعية بالتآمر عليه، وتارة يتهمون اطراف خارجية بالتآمر عليه.

جدد الرابع من ديسمبر، فاجعة كثيرين بمقتل زعيمهم، عقب يومين فقط على دعوته عبر قناته “اليمن اليوم” إلى انتفاضة ضد الحوثيين، اثر انفضاض شراكته معهم في الانقلاب على الشرعية (الرئيس هادي والحكومة) جراء اختلافه معهم على تقاسم السلطة والثروة، بموجب اشهار التحالف بينهما باتفاق خطي على تقاسم السلطة.

وانتهت مسيرة “الراقص على رؤوس الثعابين” كما كان يلقب علي عفاش، بمصرعه في الرابع من ديسمبر 2017، عقب ثلاثة ايام من الاشتباكات العنيفة بين قواته من منتسبي الحرس الجمهوري والحرس الخاص له ابان توليه رئاسة البلاد، والحوثيين، في حي الثنية، جنوبي العاصمة صنعاء، حيث يقع قصره الذي لم يحصنه من القتل.

 

غدر علي عفاش، كعادته بحلفائه وشركائه في الانقلاب على الشرعية، ودعا إلى الانتفاضة على الحوثيين، بعد التنسيق مع تجالف دعم الشرعية في اليمن بقيادة السعودية، على دعمه واسناده في الانقلاب على الحوثيين، حسب ما أكد نائب رئيس الجمهورية الفريق الركن علي محسن الاحمر، في حوار صحفي الشهر الفائت.

وراهن عفاش، على دعم اماراتي مباشر، بدأ ماليا عبر شراء المقاتلين معه من القبائل المحيطة بصنعاء، بأموال طائلة بجانب تسليح عالٍ وكثيف، من مخازن الاسلحة التي بقيت بحوزته حتى بعد تسليمه السلطة للرئيس هادي في 27 فبراير 2012م، وكانت ابوظبي من صالحته مع السعودية، التي كانت سئمت غدره وخداعه.

لكن التحالف العربي، لم يستطع مساندة عفاش في انقلابه على شركائه الحوثيين، لانكشاف خطته مبكرا لشركائه في الانقلاب على الشرعية، الحوثيين، الذين منعوا تنفيذ مخطط الانقلاب في 24 اغسطس، عبر حشده مئات الالاف من القبائل المسلحين إلى صنعاء تحت اطار الاحتفال بذكرى تأسيس المؤتمر الشعبي العام.

حاصر الحوثيون العاصمة صنعاء ومنافذها بمجاميع مسلحة من القبائل التابعين لهم، وباغتوا مراكز ومخازن اسلحة تابعة لعفاش، واستطاعوا اجباره على التراجع في اخر لحظة عن اعلان الانقلاب، الذي كان مقررا أن يعلنه من منصة ميدان السبعين، ليخرج حينها بهيئة منكسرة واضحة، بخطاب داعم للحوثيين مدته دقائق.

وفي الثاني من ديسمبر، دعا عفاش عبر خطاب بثته قناته (اليمن اليوم) إلى الانتفاضة على الحوثيين، ولبت نداءه مجاميع من ضباط وجنود ما كان يسمى “الحرس الجمهوري” و”الحرس الخاص” وقوات كان بدأ بتجميعها نجل شقيقه، طارق عفاش، لكن انقلابه سرعان ما تهاوى لتنتقل المعارك إلى محيط منزله، في مربع ضيق.

سعى عفاش عبر ثورته المضادة ثم انقلابه مع الحوثيين على الشرعية ثم انقلابه على الحوثيين، إلى العودة لواجهة حكم اليمن عبر تنصيب نجله المقيم في الامارات، احمد علي، رئيسا لشمال اليمن -على الاقل- إن لم يكن لليمن كاملا، الامر الذي لم تكن تؤيده السعودية، وإن ما زالت الامارات تتبناه وتسعى إليه حتى اليوم.

لكن الرئيس السابق علي صالح عفاش، وقع في خطأ فادح، حسب مراقبين عسكريين وسياسيين، تمثل في الرهان على وهم انه مازال رئيسا يحظى بشعبية واسعة بين اوساط اليمنيين، وكذا رهانه على بقايا قوات جيشه العائلي، الذي تلقى اوامره بتسليم السلاح للحوثيين، وثقته العمياء بنجل شقيقه طارق محمد عبدالله صالح عفاش، الذي كان اول الفارين ومن تركوه يواجه مصيره.

بلغ عدد القتلى في المواجهات التي استمرت بين مساء 2 ديسمبر وظهيرة 4 ديسمير 2017 (أي قرابة 48 ساعة من القتال) في مربع صغير يشمل “مركز الكميم، شارع صخر، شارع بغداد” جنوبي العاصمة صنعاء، رفع الصليب الأحمر 284 جثة، من الجانبين حسب بيانات بعثة اللجنة الدولية للصليب الاحمر في صنعاء.

حسب مراقبين فإن “علي عفاش وبصرف النظر أين كان مصرعه داخل منزله أم لدى محاولته الهرب في الطريق إلى قريته بمديرية سنحان ومنها إلى مارب، فقد قتله جشعه ولؤمه وجريان الغدر والخداع في دمائه، حدا لم يقنع بثلاثة وثلاثين عاما من التسلط ولم يراعي تسامح ثورة الشباب معه واركان حكمه بمنحه الحصانة من الملاحقة القضائية، ليطمع بالمزيد”.

 

واستغلت جماعة الحوثي الثورة المضادة للرئيس السابق علي عفاش، التي بدأها منذ الاطاحة به ونقل السلطة للرئيس عبد ربه منصور هادي في فبراير 2021م، وتمكنه من عرقلة اداء الحكومة واظهارها عاجزة عن توفير الخدمات وصرف المرتبات وبسط الامن والاستقرار عبر تمويله مئات التقطعات والتفجيرات والاغتيالات.

استطاع عفاش بأموال الشعب المنهوبة تمويل تعميم الاضطراب العام في البلاد عبر مئات الاعتداءات على انابيب النفط والغاز وعلى ابراج وشبكة كهرباء محطة مارب الغازية وغيرها مما تسببت في تعميم شعور بالاحباط بين اوساط المواطنين وتحويله إلى سخط شعبي، عبر الاحتجاجات والاعتصامات وصولا للانقلاب.

رافق هذه الثورة المضادة التي قادها علي عفاش، رغم تسامح الثورة الشبابية الشعبية معه ومنحه الحصانة القانونية من الملاحقة والمساءلة القضائية، حملة اعلامية وسياسية شعواء عبر ترسانة اعلامية سرعان ما انشأها بدعم اماراتي لتشمل قناة فضائية واذاعة خاصة وصحفا يومية، تحظى بتقنيات وكوادر اجنبية ومحلية محترفة.

وساعد عفاش، على بلوغ مآربه، التي جاهر بها علنا متوعدا الحكومة بما سماه “المعارضة على اصولها”، انتشار قيادات المؤتمر الشعبي وكوادره في جميع مؤسسات الدولة ومفاصلها، وعملهم على افشال هذه المؤسسات، رغم تمكن ثورة الشباب من الاطاحة بقياداتها ورموزها الفاسدة عبر ثورة المؤسسات، إلا أن “الدولة العميقة” لعفاش ظلت اكبر.

تمكن عفاش، عبر منظومة حكمه الفاسدة، من اعلاميين وسياسيين وعسكريين ومشايخ ومنظمات مجتمع مدني، وباغداقه الاموال المنهوبة عليهم، تشويه عهد التغيير وتحميل ثورة الشباب اوزار فساده ومؤامراته وثورته المضادة، وصولا لتأجيج الشارع للثورة على النظام (الرئيس هادي وحكومة الوفاق) باستغلال ازمات المشتقات النفطية والكهرباء والمياه والخدمات.

وبعد فشل محاولاته الانقلابية المتكررة، واخرها في (11 يونيو 2013) تحت مسمى ثورة شعبية ساخطه على الانهيار العام خدميا واقتصاديا، والانفلات التام اداريا وأمنيا، اوعز بمهمة تنفيذ الانقلاب لجماعة الحوثي، خصوم الامس حلفاء اليوم، عبر تسليم معسكرات الحرس الجمهوري لهم والتحالف معهم ضد الرئيس هادي والحكومة ومؤتمر الحوار.

في السياق، يرى مراقبون وسياسيون أن الحوثيون يحتفلون في كل عام بذكرى انقلابهم، لأنهم حققوا عبر الثورة المضادة لعلي عفاش مكاسب لم يكونوا يحلمون بها، وليس اقلها الاستيلاء على مقدرات الدولة واسلحة ومعدات الجيش ومقدرات مؤسسات الدولة بصفتها المنقذة للبلاد مما آلت اليه احوالها، ثم الانفراد بالسلطة والحكم المطلق للعاصمة صنعاء ومناطق الانقلاب.

مشيرين إلى أن من بين “أبرز ثمار انقلاب عفاش التي يقطفها الحوثيون في الذكرى السابعة لانقلابهم على الشرعية، يأتي الاستحواذ على الثروة ممثلة في الايرادات العامة للعاصمة و12 محافظة تسيطر عليها ومناطق في محافظتي تعز والضالع، وجميعها ذات الكثافة السكانية الاكبر، وما يترتب عليه من ايرادات كبيرة ضريبية وجمركية وخدمية”.

وذكر المراقبون في هذا السياق، بين أبرز ما يحتفل به الحوثيون في ذكرى انقلابهم، “الانتقام من الرئيس السابق علي صالح عفاش على خسائرهم الفادحة في ما عرف باسم “حروب صعدة” الست، التي ظل عفاش يناور فيها ويشعلها باتصال ثم يطفئها باتصال مع اقتراب قوات الجيش من حسم المعارك التي ظلت محصورة في مديريات بصعدة”.

لافتين إلى أن من بين “أبرز الثمار التي يحتفل الحوثيون بقطفها اليوم، في الذكرى السابعة لانقلابهم على الشرعية، تمكنهم من نشر النفوذ الايراني في المنطقة بزعم “التحالف مع محور ما يسمى المقاومة للهيمنة الامريكية والصهيونية الاسرائيلية ومناصرة الشعب الفلسطيني” حد تعبيرهم، ومجاهرة زعيم الجماعة مؤخرا علنا بالتحالف مع ايران في هذا المحور.

ونوهوا بأن “الحوثيين يحتفلون في ذكرى انقلابهم أيضا بنجاحهم في الانتقام من الجمهورية ومن ثورة السادس والعشرين من سبتمبر التي اطاحت بنظام حكم الامامة في اليمن حتى وإن استمرت الجماعة في الاحتفاء بذكرى ثورة 26 سبتمبر كل عام، فتوقيت تنفيذ انقلابهم في 21 سبتمبر جاء ليمحو وهج 26 سبتمبر الذي تعتبره قيادات في الجماعة انقلابا”.

كما يسرد المراقبون والسياسيون بين “أبرز ثمار انقلاب الهالك علي صالح عفاش، التي يحتفل الحوثيون بقطفها في ذكرى الانقلاب وذكرى مصرع عفاش، اقصاء المكونات السياسية والمجتمعية كافة من السلطة بزعم أنها جميعها أدوات عميلة للوصاية الخارجية وترتهن لدول التحالف ممثلة بالسعودية والامارات ودول الخليج والولايات المتحدة وبريطانيا” حد زعمهم.

مشيرين إلى “استمرار قيادات وكوادر المؤتمر الشعبي العام في الداخل، في الشراكة مع الحوثيين بعد مصرع عفاش، وفي خدمة سلطة الحوثيين مقابل استمرار مصالحهم الشخصية النفعية، التي عرفوا بها وبتغليبها على ما سواها من مصالح وطنية عامة أو عليا للوطن، بيعا وشراء، كما كان زعيمهم عفاش، تابعا لمن يدفع ومطأطئا لمن لا يستطيع له حولا ولا قوة”.

لكن المراقبين السياسيين، في المقابل، يؤكدون “أن الانقلاب الحوثي العفاشي لن يكتب له الدوام في ظل افتقادهم الاعتراف الاقليمي والدولي سياسيا، واستمرار المعارك والملاحم البطولية التي يسطرها الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في مختلف الجبهات. مؤكدين أن “الشرعية ستظل طوق النجاة الذي ينبغي على جميع اليمنيين الالتفاف حوله والتمسك به”.

يشار إلى أن الامارات تبنت طارق عقب فراره من صنعاء اثر اندلاع مواجهات بين عمه الرئيس السابق علي عفاش والحوثيين في صنعاء مطلع ديسمبر 2017م، تاركا عمه يواجه مصرعه -وقيل مشاركا في مخطط تصفيته-، ومولت تجميعه ضباط وجنود الحرس الجمهوري التابع لابن عمه احمد علي سابقا في الساحل الغربي، ليغدو وكيلا لاجندة اطماعها في اليمن.

 

زر الذهاب إلى الأعلى